Tuesday, August 17, 2004

 

يا خطيئتي

منذ عامٍ أو عشرة أو ألف
عندما كنتُ أصغر سناً
علَّموني أن أصلِّي
وأن أجاهد
حتى لا تولدي
حتى لا توجدي
لأن وجودك يهدِّد وجودي
!!وكأن وجودك يهدِّد وجودي

قالوا عدو يتربص
قالوا هوة تبتلع
قالوا ناعمة مقيتة قبيحة
قالوا دخيلة مستوحشة مريحة
قالوا شهية بهية متخدِّرة
قالوا غادرة قاهرة متجبِّرة
قالوا وقالوا
وصدقوا القول
صدقوا القول
وصدقتهم
كنتُ صغيرة
وكنتِ بعيدة
صلَّيت وجاهدت
..إلى أن مضى دهرٌ كاملٌ

والأمس قرعتِ بابي
وأنا فتحت لكِ
ِثم أدخلتك
ِقبلت أن أُدخِلك
ِوأُدخِلك
ِوأُدخِلك
رغم الألم
وبعض الندم
..رغم البكاء والصراخ والعويل

...
ما أسهل أقوالهم
وما أجهل إيمانهم
!!فأنتِ الآن مستقرة في عمق أعماقي

مستقرةٌ أنتِ الآن في عمق أعماقي
..فخبِّريني
خبِّريني أنتِ
لأن غير معرفتِك لن يغنيني
سأجلس عند قدميكِ
وأنتِ أنتِ علِّميني

علِّميني يا خطيئتي أسرار الحياة
حدثيني عن نير الحب
عن ملكوت الله
وعن أحق الحق

حدثيني عن ذاتي
عن براءتي وأكاذيبي
عن سذاجتي وألاعيبي
عن غناي الغير مكتمَل
وفقري الغير مكتمَل

حدثيني عن أخي
وهو كيان حر
وهو هيكل وسر
وهو بعيد وقريب
وهو تهلل ونحيب

حدثيني عنا جميعاً
عن كل توق مطلق
وكل حلم أخضر
عن كل حب ناقص
وكل عوز ناقض
عن كل شفاء كاذب
وكل رجاء خائب
حدثيني عن كل جميل
وعن كل عليل
عن كل منشود
وكل موجود

وحدثيني عن التاريخ
وعن تداخل التاريخ
وعن تهالك التاريخ
عن ماضٍ هو مستقبل
ومستقبلٍ هو ماضٍ

حدثيني يا خطيئتي
فإن حديثكِ حلوٌ عذبٌ
غير أني أبداً لم أتعلَّم الإصغاء
يا خطيئتي حدثيني
أعيدي على مسامعي قولكِ
بل أزيدي
حدثيني واجرحيني
إني أتعشق جرحكِ الغائر
رغم الألم
وكل الندم
..رغم البكاء والصراخ والعويل

حدثيني أبداً
لأني بهذا أتعلم كيف أحبك
أتصدقين؟؟
أنا نفسي لا أصدق
لكن حين غمرتني النعمة
حين غمرتني
وغمرتني
وغمرتني
وجدتني بلا قدرة على البغض
ولا قدرة على الحب
وجدتني بلا مقاومة
ووجدتك مثلي بلا مقاومة
سلَّمنا معاً
وفي اللحظة عينها امتلأنا معاً من الفيض السكيب
تفجر فيّ الحب من دون وعي أو حساب
وما استطعت أن أفصلك عني أو عنه
.. ما استطعت
..إذ كيف أعزلك عن هذا الذي يجتاحني معك
أنت يا خطيئتي اجتلبتيه
وهو خصَّك بأكثر ذاته بل كلها
!!فكيف أمنع أنا عنك ما أدين لك به؟

أنا اليوم أتعلم أن أحبك أنت
لا فرسانك ولا فرائسك
ليس هم بعد
بل أنت ذاتك
محبة خالصة
لك أنت

لستُ أنتِ
ولستِ أنا
لكنكِ مني
وكنت منكِ

لا أحيا فيكِ
ِولا أموت معك
ِلكن أموت عنك
لأحيا بكِ أيضاً

يا خطيئتي
أنا اليوم أتعلم أن أحبكِ
ِأن أباركك
ِوأتجاسر فأقول أن أمجدك
!!ِإذ أقدسك

نعم ، لازلت هنا مستقرة في عمق أعماقي
إلا أني ما عدت أهاب شوكتكِ
فأنت أضعف كثيراً مما تصورت
بل إنك رقيقة أبداً وهشة مثلي
ِما عدت أخشى ظلامك
فإن سوادكِ شفاف أيضاً
وأستطيع أن أعاين النور من خلاله
ما عدت أضجر من ثقلكِ
وقد صرت خفيفة جداً
هائمة في الكون الفسيح

لكن ما دمتِ الآن عندي
فاهدئي
لأني أحبكِ
وابقِ ما شئتِ
ضيفة عزيزة
لأنكِ إذ تخرجين
تسقطين على بابي
مع كل الألم
وكل الندم
..كل البكاء والصراخ والعويل
وقتما تشائين
وكيفما تشائين
ستحترقين على أرضي
لتصعدي إلى سمائي
..كبخورٍ مقدس

..يا خطيئتي
يا أثمن جميع فضائلي
وأوفرهم بركة
يا وجودي الأعوج
وأغنيتي الجديدة
..من أجلكِ أصلِّي اليوم
من أجلكِ أصلِّي
وأبقى أجاهد إلي أن ينقضي الزمان
من أجل أن أحبكِ وإخوتي أكثر وأكثر
ولا أضنُّ عليكِ بصليب وقيامة
ما أملك أن أضنَّ عليك بهما

أنا اليوم أستقبلكِ
ِوغدا أودعك
وبين اليوم والغد
..!!ملء الحياة

This page is powered by Blogger. Isn't yours?